| 
									الإصلاح في المجتمع الكويتي كسراب بقيعة  | رجوع لا أمل في الوصول إلى إصلاح في المجتمع الكويتي في ظل الظروف الراهنةِ ومن يصدق مزاعم الحكومة التي تعلنها منذ سنوات مرارا وتكرارا، تدعي فيها انها تضع الخطط لمعالجة مشكلات الدولة والوصول الى إصلاحِ مثله كمثل الظمآن الذي تاه في صحراء، ثم رأى من بعيد سرابا فظنه ماء، فجرى نحوه حتى إذا جاءه لم يجد سوى تربة سبخة زادته عطشا فهلاكاِ وهكذا لا تؤدي خطط الحكومة إلا الى مزيد من الفساد والفوضىِ والعجيب ان وزير الخارجية الأميركي في مؤتمره الصحفي الذي عقده في الكويت في منتصف شهر مارس الماضي، أشاد بالإصلاح الذي شاهده في الكويتِ فكيف تسنى له من خلال تلك الزيارة العابرة ان يتعرف على مظاهر الاصلاح في الكويت، وما هي الدراسات التي اعتمد عليها وأكدت له ذلك؟ إلا إذا كانت شبيهة بالدراسات التي حاول ان يضلل فيها العالم ليقنعه بتصديق اضاليله التي ادعى فيها ان العراق يمتلك ترسانة أسلحة دمار شامل تهدد العالم الحر، ومن ثم طالب بشن حرب على العراق، ولما رفض العالم تصديق تلك الأكاذيب شنت بلاده حربا غير شرعية على العراقِ وبعد الحرب اكتشفت اكاذيبهِ وكذلك الاصلاح الذي شاهده بأم عينه في الكويت، وامتداحه للجنرال مشرف واعتباره الحاكم الصالح الذي يستحق المكافأة الكبرى من أميركا، لمجرد انه أمر جيشه ليذبح شعبه ويقدمه قربانا للصهاينةِ كما قام بلير زعيم المتطرفين الانكليز في عداء العرب والمسلمين بزيارة لحاكم ليبيا الصالح، وامتداحه هو وبوش للصلاح والوفار اللذين هبطا فجأة على القذافيِ كل هذا يؤكد نوع الإصلاح الذي تريده اميركا للمنطقةِ فهي لا تريد سوى حكومات وشعوب منحنية وخاضعة تنفذ أوامرها وتفتح سماءها وأرضها أمام الشركات والمصالح الأميركية لتنهب ثرواتهاِ أما الإصلاح الحقيقي الذي يقود نحو التقدم والتطور فإن أميركا ستحاربه وتعرقله.  ان أساس الاصلاح هو اصلاح الديموقراطية وتفعيلهاِ ويقتضي ذلك في المقام الأول ان يتم اختيار رئيس الوزراء من الكتل النيابية التي فازت في الانتخابات، وان تكون بيده السلطة الحقيقية وان يختار وزراءه وفق معايير تراعي مصلحة الدولةِ وان يكون باستطاعة الشعب ان يحاكمه ويحاسبه فيحكم عليه بالنجاح والاستمرار أو الفشل فلا يعيد انتخابهِ أما إذا تم اختيار رئيس الوزراء بطريقة غير ديموقراطية، وتم فرضه لسنوات طويلة، فمن المستحيل ان يتحقق أي اصلاح في ظل تلك الظروفِ إذ سيؤدي ذلك الى احتكار السلطة، وسحب ارادة الشعب وعدم احترام رأيه في المشاركة الحقيقية في عملية الاصلاحِ وسيؤدي ذلك الى فساد وإفساد للسلطة التنفيذيةِ إذ سيسعى رئيس الوزراء المعين الى تشكيل جهاز رقابي سيكون من أولوياته واهتماماته اختيار الشخصيات التي تتولى مناصب قيادية في أجهزة الدولة ومؤسساتها والتجديد في تلك المناصبِ وسيكون من أهم معايير الترقية والتجديد ضمان الولاء لرئيس الوزراء ونظامهِ ومن ثم ستحتكر تلك المناصب للمنافقين وسيحرم منها العناصر الوطنية المخلصةِ وينجم عن ذلك انتشار الفوضى والرشوة والترهل في الجهاز الحكومي وهي مظاهر كثيرا ما نلمسهاِ وقد يمتد الفساد من السلطة التنفيذية الى السلطة القضائيةِ إذ قد يكون لرئيس الوزراء نفوذ واسع على السلطة القضائية، سواء من خلال تعيينه القيادات في الوزارة المشرفة على الجهاز القضائي أو من خلال تعيين القضاة وترقيتهمِ كما ان السلطة التشريعية لن تكون بمنأى من تأثير رئيس الوزراء ونفوذه، سواء من خلال اختياره للوزراء الذين شاركوا ثلث المجلس تقريبا، أو من خلال هيمنته على الجهاز الحكومي بما فيه من أموال واعلام وتربية، وتأثير ذلك القوي في توجهات الناخبين.  إذا الإصلاح السياسي هو أساس الإصلاح، ولا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادي أو ثقافي دون تحقيق إصلاح سياسيِ ويتطلب الإصلاح السياسي تداول السلطة وعدم احتكارها، وان يكون الشعب هو صاحب السيادة وقادرا على إدارة السلطة التنفيذيةِ ولكي يكون الشعب قادرا على إدارة الدولة وتطويرها، يجب ان يكون قادرا على إيجاد المناخ الذي تتوافر فيه الحرية لتأسيس الأحزاب الوطنيةِ بحيث تضع تلك الأحزاب برامجها تضمنها أهدافها ومبادئهاِ وفي جو تلك الأحزاب ستنشأ وتتربى الزعامات والقيادات الوطنيةِ ويستطيع الشعب ان يختار ممثليه من تلك الأحزاب وفق قناعاتهِ كما يستطيع ان يحاكم حكومته التي يختارها من خلال تقييمه لأدائها، فيحكم عليها بالنجاح أو الفشل.  وفي ظل غياب الأحزاب الوطنية سيصبح الشعب مشتتا، لا توجد قيم ومبادئ وطنية توحده وتقوده نحو الطريق الصحيحِ وقد يتجمع البعض في ظل هذه الظروف في تجمعات قبلية أو طائفية أو عائليةِ ومن ثم سيتشكل المجلس من أعضاء مبعثرين، يصعب ان يلتقوا حول قضايا وطنية توحدهمِ وقد لا يتحلى غالبيتهم بسعة الأفق والقدرة على تكوين نظرة متميزة ومستنيرة تتفهم المعنى الحقيقي للاصلاح وكيفية تحقيقهِِ ولن يضعوا من ضمن أولوياتهم مواجهة المشكلات والتحديات السياسية والاقتصادية والثقافية والادارية على مستوى الدولةِ بل سيركزون على القضايا وثيقة الصلة بمصالحهم الخاصة أو مصالح القبيلة أو للترضية الآنية لجمهور الناخبينِ وجل هذه القضايا غير مدروسة وسيؤدي تحقيقها الى اضرار بالمصالح العليا للدولةِ وقد يتوجه بعض أولئك النواب لاستجواب الوزراء المخلصين والجادين في عملية الاصلاحِ اما لأن أولئك الوزراء رفضوا الاستجابة لمطالب النواب غير الشرعية أو لأن مشاريع الاصلاح تتعارض مع مصالح النواب الخاصة أو مصالح ناخبيهم، أو لتعارض مشاريع الاصلاح مع مشاريع النواب واقتراحاتهم الشعبية غير المدروسة التي تتعارض مع الأسلوب العلمي والتي يؤدي تنفيذها الى تدمير لاقتصاد الدولةِ وقد يشيد هؤلاء النواب بوزراء اشتهروا بالفساد وسوء الادارة لالتقاء مصالحهمِ ومن ثم سيتحول المجلس في ظل تلك الظروف الى عقبة في وجه الإصلاح.  وفي ظل ظروف التفرد في السلطة، قد يمتد تأثير الاحتكار الى الصحافة، وهي السلطة الرابعة التي يجب ان تكون حرة مستقلةِ من واجبها اطلاع القارئ والمواطن على الحقائق وكشف الفساد والاستهتار الذي تعاني منه الدولةِ وقد تتحول السلطة الرابعة الى سلطة محتكرة لعائلات محدودة، قد ترتبط مع السلطة التنفيذية بالكثير من المصالح، لذلك قد تتجنب الدخول في محاربة الفساد بصورة جدية وواضحة، كأن تشن حملات صحفية متتالية ومستمرة لتحرك مشاعر المواطنين وتلفت نظرهم الى مواطن الفساد في الدولة، لذا فإنها قد لا تكشف الفساد أو تنتقده بصورة جادة إلا إذا مس مصالح أصحاب الصحيفة. 
 3/4/2004
 
 |