الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
هل أصبح العراق ولاية أميركية؟ | رجوع
بعد احتلال العراق كتب توماس فريدمان مقالا قال فيه 'لقد اصبح لدينا الولاية ال 51، لقد تبنينا للتو مولودا اسمه بغداد'. 
فهذه العبارة تمثل نظرة اليمين الاميركي الى العرب والمسلمين، انهم ينظرون الينا نظرة دونية، فهم الآباء ونحن الأبناء، ولكننا ابناء غير شرعيين لا نستحق الا تربية الإذلال والتركيع، لترويضنا واخضاعنا للمشيئة الاميركية الاسرائيلية تماما كما عاملوا الهنود والزنوج والمناضلين في اميركا اللاتينيةِ من هذا المنظور سننظر الى زيارة الرئيس الاميركي للعراق، التي جاء اليها متسللا متخفيا لم يستأذن حكومتها ولا شعبهاِ فالعراق ليس فيه حكومة وطنية، إذ ألغت اميركا عن طريق الحرب الظالمة التي استنكرتها الأمم المتحدة وجميع شعوب العالم حكومتها، وأقامت حاكما اميركيا يحكم هذا البلد العربي الحر، صاحب التاريخ المجيد والحضارة المشرفة والذي يعد من أوائل الدول العربية التي انتزعت حريتها ومن المؤسسين للأمم المتحدة والجامعة العربية.
لقد قدم بريمر الرئيس بوش الى الجند قائلا 'هل تعلمون شخصا اعلى مني مكانة ومقاما في العراق؟' ففاجأهم بالرئيسِ فألقى فيهم خطابا حرضهم فيه على الاستمرار في قتل الأبرياء واعتقالهم، وانتهاك حرمات البيوت التي يقتحمونها في جنح الظلام، يدخلون على أصحابها في غرفهم وهم نيام، صارخين شاهرين أسلحتهم في وجوههم ليروعوا الأطفال والنساء والشيوخِ يقتلون ويعتقلون من يشاءون، فلقد زاد عدد المعتقلين عن 11 الف مواطن، أما القتلى فلا يوجد من يحصيهم حتى الآنِ قد يعتذرون أحيانا عن قتل أطفال أو أشخاص يدعون انه وقع عن طريق الخطأ، ولكن هذا الاعتذار لمجرد الحيلة والخديعة لاظهار انهم شعب يتصف بالرأفة والرحمةِ ولكن سرعان ما يظهرون على حقيقتهم فيرتكبون مزيدا من القتل وبصورة اشد وحشية وهمجيةِ كما قاموا باقتلاع الاشجار وتجريف الزراعة وهدم المنازل، علاوة على انهم استباحوا حرمة المساجد ودور العبادة، ولم يراعوا حرمة شهر رمضان، بل اقتحموا المساجد في ذلك الشهر الفضيل واعتقلوا بعض ائمتها وعلمائها، تماما كما يفعل حليفهم المجرم والدموي شارون (الذي يصفونه زورا وبهتانا برجل السلام)، مع الشعب الفلسطينيِ تشابهت قلوبهم واحقادهم وفكرهمِ انهم لا يتحرجون من تصوير تلك المناظر الوحشية والمفزعة ونقلها عبر الاقمار الصناعية ليشاهدها سكان الارض قاطبةِ فالجندي الاميركي المحتل والمغتصب يحق له القتل والتعذيبِ أما المواطن العراقي الذي يدافع عن ارضه وحريته وكرامته فهو ارهابي شرير متوحش. 
جاء ليعلن عن عزمه وتصميمه على الاستمرار في احتلال العراق والتنكيل بشعبه لاذلاله وارغامه على تقبل السياسة الاميركية الرامية الى السيطرة والهيمنة على ارضه وممتلكاته، وسلب حريته وكرامتهِ غير انه يخفي تلك الاطماع تحت ستار انه جاء لينشر الحرية والديموقراطية، ولكنه ينشرها بالصواريخ والطائرات والدباباتِ متناسيا ان العالم قد بلغ سن الرشد ولا يمكن ان تنطلي عليه تلك الأكاذيب، لأن العالم يدرك ان الحرية لا تفرض بقوة السلاح بل ما يفرض بقوة السلاح هو العبودية، فأميركا جاءت لتفرض العبودية على شعب العراقِ لذلك خرج مئات الآلاف من الشعب البريطاني (الذين ظنهم بوش انهم حلفاؤه) محتجين على زيارته لبريطانيا منددين بسياسته العدوانية، التي وصفوها بأنها خارجة على نطاق القانون والعدالة والشرعية الدوليةِ فإذا كان الشعب البريطاني والأوروبي عامة يندد بالسياسات الاميركية ويستنكرها، فمن الطبيعي والأولى ان يرفضها الشعب العربي والمسلمِ ولا يتبناها أو يدافع عنها من ابناء هذه الأمة إلا كل حاكم عميل رأى ان بقاءه في الحكم لا يتحقق الا بخدمة المصالح الاميركية، حتى لو أدى ذلك الى الإضرار بأمن الأمة وسلامتها، أو اعلاميون ومفكرون انتهازيون خانوا أمتهم وربطوا مصالحهم بالتواجد الأميركي. 
وهكذا أصبحت ارض العراق بعد الاحتلال ارضا مفتوحة، يدخلها بدون استئذان من شعبها جميع اصحاب الشركات ورجال الاعمال الاميركيين، او من تستأجرهم تلك الشركات او تسمح لهم، ويصطحبون معهم خبراء في الفكر والاعلام والتربية وعلم النفس، علاوة على آلاف الجنود والضباط جاءوا لدراسة وتنفيذ المخططات والمشاريع التي تمكنهم من السيطرة على ثروات العراق وممتلكاته، وللسيطرة على عقل الشعب العراقي وفكره والتحكم بمشاعره، لخلق شعب ضعيف يرضى بذل الاحتلال ويتقبله، لا يحمل اي نوع من مشاعر الحب او الود لأمته العربية والاسلاميةِ فإلى اي مدى تستطيع اميركا ان ترتكب هذه الجريمة في حق الشعب العراقي؟ وبهذه المناسبة نود ان نقول للرئيس الاميركي الذي يردد هو وافراد ادارته عبارات اصبحت مملة وممقوتة، انهم يريدون ان يعلموا العرب والمسلمين الحرية والديموقراطيةِ نقول لهم ان ديننا قد علمنا الحرية والعدالة والاخلاق قبل قيام اميركا بألف عامِ وعرفت ارضنا ديانات وحضارات منذ آلاف السنين، فأصبح لدينا من جراء ذلك تراث حضاري عظيم نعتز به ونفتخرِ تعلمناه وحافظنا عليه وتعلمه منا كثير من شعوب العالمِ ومن الآداب التي تعلمناها من ديننا قوله تعالى: 'يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها'ِ فهذه الآية حرمت علينا دخول البيوت حتى نستأذن اصحابها ونعلم انهم يرحبون بناِ فهل تستطيع الادارة الاميركية ان تتعلم هذا الخلق، فتقلع عن احتلال اراضي الغير وقتل الشعوب وتعذيبها وانتهاك حرمات البيوت والمقدسات؟ 
بعد هذا كله يجب ان نقول للرئيس الاميركي وادارته: اننا لسنا بحاجة الى اليمين الاميركي المتطرف ليستغفلنا ويزعم أنه جاء ليحررنا ويعلمنا الحرية والديموقراطية، ويخفي اهدافه واطماعه الحقيقية التي اصبحت مكشوفة ومرفوضة من اغلب شعوب العالمِ فالهدف من احتلال العراق هو جعله نقطة انطلاق للسيطرة على الارض العربية والاسلامية للاستفادة من ثرواتها وموقعها الاستراتيجي ثم الانطلاق منها للسيطرة على العالم بأسرهِ فاليمين الاميركي لديه مشروع استعماري ضخمِ ولكنهم فوجئوا بالمقاومة العراقية الباسلة تكاد تحطم تلك الآمال والاحلام المريضةِ فهم يريدون القضاء عليها بأي وسيلة، بالحيلة والخداع، يصفونها بالارهاب ويؤلبون عليها بعض افراد الشعب العراقيِ ولكنهم لا يجدون من يصدق مزاعمهم الا من جاء بحماية دباباتهمِ وتارة يغيرن من خططهم الحربية من الثعلب الى العقرب الى الحية ثم الى المطرقة الحديديةِ وجميعها يفضي الى شيء واحد وهو تحقيق مزيد من القتل وتعذيب الشعب وهدم المنازلِ لذا اصبح الحفاظ على المقاومة العراقية ومؤازرتها واجبا على كل عربي مسلم، يمدها بما يستطيع من يد العونِ لأنها تحاول ان تمنع المحتل من ان يثبت اقدامه في ارض العراق ومن ثم ينطلق منها لاحتلال الارض العربية والاسلاميةِ فهذه المقاومة لا تدافع عن العراق وحده، بل انها تحمي البشرية جميعها من شرور الاستعمار الجديد.


6/12/2003
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com