| 
									هجاء للديموقراطية الكويتية .. الأسباب والنتائج  | رجوع تتعرض الديموقراطية الكويتية في هذه الايام الى هجوم شديد ونقد لاذع، لا سيما من قبل المرشحين والاقلام المؤيدة لهم، وقد يكون هذا امرا جيدا ومطلوبا، اذا كان النقد ايجابيا وموضوعيا، هدفه الاصلاح السياسي وتقييم التجربة الديموقراطية لمعالجة سلبياتها ودعم ايجابياتهاِ اذ سيسهم مثل هذا النقد في تطوير التجربةِ اما اذا كان هداما واتخذ منحى دعائيا واضحا ومكشوفا، هدفه استغفال الناخبين والضحك على عقولهم، لإعادة انتخاب نواب امضوا في المجلس سنوات طويلة، ويسعون الى اطالة بقائهم، ليحتكروا دوائرهم الانتخابية وإغلاقها في وجه الشباب الذين يتطلعون للمساهمة في بناء مجتمعهمِِ عندئذ سيكون ذلك النقد فاشلا، ولن يؤدي الى اصلاح، لأنه نابع من شخصيات تدعي الاصلاح وتنادي به، ولكنها غير مؤمنة به ولا تعمل من اجله، بل تسعى الى تحقيق مآربها واطماعها الخاصة، لذلك تتعثر عملية الاصلاح، وتتدهور الديموقراطية سنة بعد اخرى.  كان الاجدر بهؤلاء النواب الذين طال بقاؤهم في المجلس، اذا كانوا محبين للديموقراطية، وجادين في نشر ثقافتها وغرس قيمها، ان يترجلوا عن كرسي النيابة، ويبحثوا عن شباب يتوسمون فيهم الخير والاصلاحِ فيساهموا في دعمهم وتوصيلهم الى المجلس، ويمدوهم بتجربتهم اذا كانت ثرية مليئة بالخير والاصلاحِ ولكن ابى مثل هؤلاء النواب الا التشبث في كرسي النيابة، وهم يقاتلون بشراسة من اجله، مدعين ان بقاءهم سيضمن الحفاظ على الدستور ومكاسب الديموقراطيةِ اما سقوطهم فسيقضي على الديموقراطية ومكاسبها، اي لا وجود للديموقراطية بدونهم فكأنهم هم الديموقراطية والديموقراطية همِ بهذا المنطق السطحي الساذج الذي يرددونه على مسامعنا عند كل انتخابات، لإقناعنا بأن الحكومة قد رصدت اموالا طائلة لإسقاطهمِ ثم ينجحون في كل مرة، ولم يؤد نجاحهم وتواجدهم الطويل في المجلس الا الى انحدار ادائه وفشله في اداء رسالته السامية، اذ اصبح المجلس بما يتخذونه من قرارات ضارة بحاضر الدولة ومستقبلها، عقبة كأداء في وجه الاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري.  كان من الواجب ان يعقد النواب مع ابناء دائرتهم لقاءات حوارية بشكل مستمر طوال انعقاد سنوات المجلس، يتبادلون معهم الرأي في اهم القضايا المطروحة على المجلس، لا سيما القضايا الخلافية، وان يتعرفوا على آرائهم واتجاهاتهم بشتى الوسائل، ليكون المواطنون على صلة وثيقة بما يدور في المجلس، ويكون الرأي الذي يتبناه نابعا من الشعب وبعيدا عن آراء العضو وانطباعاته الشخصيةِ وقد يختلف العضو مع غالبية ابناء دائرته في بعض الآراء، عليه في هذه الحالة ان يوضح لهم مزايا رأيه واهميته الى حاضر الدولة ومستقبلها، ويحاول اقناعهم بأهميته، بيد ان صمت الاعضاء الطويل وسكوتهم عن سوء اداء المجلس والحكومة طوال السنوات الاربع، وعندما اقترب وقت الانتخابات بدأوا كعادتهم في كل مرة بإثارتها والتقرب من الناخبين والتودد اليهمِِ ان هذا السلوك الذي يتكرر عند كل انتخابات جعل المواطنين يدركون ان ذلك النقد ليس نابعا من شخصيات تبحث عن الاصلاح او راغبة في تحقيقهِ بل هو محاولة من اولئك الاعضاء لتبرئة انفسهم من تلك العيوب والتهرب من تحمل مسؤوليتها، وكأنهم ليسوا سببا مهما في وجودها لتلميع صورتهم والى اعادة انتخابهم مرات ثم مرات ليتمتعوا بالمزايا التي يوفرها لهم المجلس، والتي صنعوا معظمها.  ومن اهم تلك المزايا ما شرعوا من قوانين لزيادة رواتبهم ومخصصاتهم والخدمات التي يقدمها المجلس للاعضاء، وجميعها يتحمله المال العامِ والاخطر من ذلك، ان بعض الاعضاء دخل المجلس فقيرا ثم اصبح ثرياِ استغل وجوده في المجلس ليؤسس شركات خاصة، او ليكون وكيلا لشركات اجنبية، ثم اتبع بعض الوسائل لتصبح شركاته ذات نفوذ وثراءِ انهم يسعون باسم الخصخصة، لأن يحتكروا ثروات الكويت عن طريق تحويل مؤسسات القطاع العام والحكومي الى قطاع خاص تمتلكه شركاتهم او الشركات الاجنبية الذين هم وكلاؤها ليزدادوا ثراء وليزداد الفقراء فقرا، وليساهموا في زيادة البطالة السافرة في المجتمع، لأنهم عندما يستولون على مؤسسات القطاع العام والحكومي سيعملون على انهاء خدمات الكثير من الموظفين الكويتيين بحجة انهم عمالة زائدة، وقد يمتنعون عن توظيف الشباب الكويتي بحثا عن الايدي العاملة الاجنبية الرخيصة التي لا تمانع في العمل تحت ظل شروط صارمة وقاسية، وقد يتحججون بأنهم يبحثون عن الخبرة، وان الشباب الكويتي غير معد للعمل في القطاع الخاص، وبذلك سيسهمون في زيادة البطالة، حتى قطاع النفط الثروة شبه الوحيدة للشعب الكويتي يسعون الى خصخصته وادخال الشركات الاجنبية التي هم وكلاؤها للسيطرة عليه، وحرمان الشعب الكويتي من ثروته الوطنية التي ادارها بكفاءة اكثر من 30 عاما، بحجة ان الشركات الاجنبية تمتلك تكنولوجيا متطورة، تستطيع بموجبها تطوير الصناعة النفطية والحفاظ على المكامن النفطية بصورة افضل.  ومن النغمات الجديدة التي برزت في هذه الانتخابات ما نادى به بعض المرشحين بضرورة الاستعانة بالقوة الاجنبية لاجبار الحكومة الكويتية على اصلاح الاوضاع السيئة، ظنا منه ان الحكومة تخاف ولكنها لا تخجل، فلا بد من وجود قوة اجنبية تفرض عملية الاصلاحِ ان ما ينادي به هذا التيار الذي تسيطر عليه عقدة الاجنبي، ويعتقد ان الديموقراطية لا تأتي الا من خلال الدبابة او السلاح الاميركي، امر خطير يجب التصدي له، ان المجتمع الذي يعجز عن تطوير نظامه السياسي ويتطلع الى القوة الاجنبية لتفصل في النزاع بينه وبين حكومته، هو مجتمع فاشل يسعى الى ان يلقى حتفه بيده، وان يفقد شخصيته وكرامته وسيادته على ارضهِ اننا يجب ان نتعرف على عيوبنا ونسعى الى تطوير قدراتنا بأنفسنا، كما نجد انصار هذا التيار انفسهم يكاد يقتلهم الحزن والاسى، لأن الرئيس بوش قد الغى زيارته الى الكويت، ويرجعون اسباب ذلك الى اننا لا يوجد لدينا نظام ديموقراطي جيد، واننا لا نحترم حقوق المرأة، وليس لدينا حكومة قوية يتحاور معها، اننا يجب ان نذكر هؤلاء ان تاريخ اميركا يؤكد انها لا تهتم بتحسين الديموقراطية لدى الشعوب والمجتمعاتِ وانها طالما اغتالت نظما ديموقراطية ودمرتها واقامت محلها حكام القتل والتعذيب، لأن حكام الديموقراطية وقفوا ضد المصالح الاميركيةِ فالتزام اميركا الحقيقي يتمثل في حماية مصالح اصحاب الشركات والمستثمرين الاميركيين وتحقيق اطماعهم، كما نذكر هؤلاء ان الرئيس بوش لم يلتقي ببعض حكام المنطقة احتراما وتقديرا لهم، بل جاء ليفرض شروطه واملاءاته عليهم، ويصفوا رجال المقاومة الفلسطينية بالقتلة والارهابيين، فكان الهدف الاساسي لزيارته حماية الامن الاسرائيلي ورفع شأن الدولة اليهودية في المنطقة، ولما زار منطقة  الخليج نزل في قاعدة اميركية، واستقبله الحاكم الاميركي للعراق، الذي قد يعتبره حاكما للعراق واقليم الخليجِ بهذا المنظور يجب النظر الى تلك الزيارة بانها اهانة للامة.  من هنا نعتقد ان كثيرا من الناخبين ادرك ان ما يثيره المرشحون من نقد سواء للمجلس او الحكومة، تلغب عليه صفة الدعاية وغير جاد وبعيد عن الموضوعيةِ لذلك بدأ كثير من الناخبين يتطلع الى تغيير الوجوه، حبا في التغيير وباحثين عن نواب خدمات قد يساعدونهم في تقديم الخدمات التي يحتاجون اليها في المستقبلِ لا سيما بعد ان تبين لهم ان النواب الذين ادعوا انهم نواب مبادئ لم يقدموا شيئا مفيدا للدولة، بل تحول المجلس خلال تواجدهم الى حلبة للصراع والنزاعِ وكثيرا ما يصدر عن اعضائه الكلام السيئ والبذيء الذي تابى الاذن الفاضلة سماعهِ علاوة عن ان منهم من استغل نفوذه في المجلس لتحقيق مكاسب وفوائد لهم وللمقربين اليهم، وتناسوا ابناء دائرتهم ولم يتذكروهم الا عند اقتراب موعد الانتخابات.  ومن الطبيعي ان هذا السلوك المرضي سواء من الناخبين او من المرشحين لن يفضي الى اصلاح، بل سيعرقل عملية الاصلاح والبناء الاجتماعيِ وسيزيد من مساحة انتشار الفساد في المجتمع، وقد يشعر الجميع بخطر الفساد يحيط بهم جميعاِ عندئذ سيبحث الجميع عن منقذ ينقذهم من ذلك الخطر الداهمِ ولن يجدوا منقذا حقيقيا سوى عملية اصلاح جادة وحقيقية، ونابعة من ضمير الامة ومعبرة عن دينها وثقافتها وقيمها وبعيدة عن اصحاب الصالحِ ان عملية الاصلاح تتطلب اصلاح السلطة التنفيذية واصلاح السلطة التنفيذية لن يتحقق الا من خلال اصلاح السلطة التشريعيةِ ولن يستطيع المجتمع الكويتي اصلاح السلطة التشريعية الا اذا استطاع ان ينتخب اعضاء نزيهين واصحاب تاريخ نظيف، لا يستغلون المجلس لتحقيق اطماعهم ومآربهم الخاصةِ يتفرغون لعمل المجلس، ليسوا اصحاب شركات وتجارةِ فمتى استطاع الشعب الكويتي ان يأتي بمثل هؤلاء الاعضاء استطاع ان يحقق عملية الاصلاحِ اما ان عجز فلن يكون هناك اصلاحِِ ولكن متى يستطيع ان يحقق ذلك وكيف؟ |